سورة الزخرف - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزخرف)


        


{فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
{وَإِنَّهُ} يعني القرآن، {لَذِكْرٌ لَكَ} لشرف لك، {وَلِقَوْمِكَ} من قريش، نظيره: {لقد أنزلنا إليكم كتابًا فيه ذكركم} [الأنبياء- 10]، أي شرفكم، {وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} عن حقه وأداء شكره، روى الضحاك عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سئل لمن هذا الأمر بعدك؟ لم يخبر بشيء حتى نزلت هذه الآية، فكان بعد ذلك إذا سئل لمن هذا؟ قال: لقريش.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا عبد الرحمن بن شريح، أخبرنا أبو القاسم البغوي، حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا عاصم بن محمد بن زيد، عن أبيه، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي اثنان».
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب عن الزهري قال: كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث عن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين».
وقال مجاهد: القوم هم العرب، فالقرآن لهم شرف إذ نزل بلغتهم، ثم يختص بذلك الشرف الأخص فالأخص من العرب، حتى يكون الأكثر لقريش ولبني هاشم.
وقيل: {لذكر لك}: شرف لك بما أعطاك من الحكمة، {ولقومك} المؤمنين بما هداهم الله به، {وسوف تسئلون} عن القرآن وعما يلزمكم من القيام بحقه.
قوله عز وجل: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} اختلفوا في هؤلاء المسئولين: قال عطاء عن ابن عباس: لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم بعث الله له آدم وولده من المرسلين، فَأَذَّنَ جبريل ثم أقام، وقال: يا محمد تقدم فصل بهم، فلما فرغ من الصلاة قال له جبريل: سل يا محمد {من أرسلنا قبلك من رسلنا}، الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أسأل فقد اكتفيت»، وهذا قول الزهري وسعيد بن جبير وابن زيد، قالوا: جمع الله له المرسلين ليلة أسري به وأمره أن يسئلهم فلم يشك ولم يسأل.
وقال أكثر المفسرين: سل مؤمني أهل الكتاب الذين أرسلت إليهم الأنبياء هل جاءتهم الرسل إلا بالتوحيد؟ وهو قول ابن عباس في سائر الروايات، ومجاهد وقتادة والضحاك والسدي والحسن والمقاتليين. يدل عليه قراءة عبد الله وأبيّ: {واسئل الذين أرسلنا إليهم قبلك رسلنا}، ومعنى الأمر بالسؤال التقرير لمشركي قريش أنه لم يأت رسول ولا كتاب بعبادة غير الله عز وجل.


قوله عز وجل: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ} استهزاء.
{وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} قرينتها وصاحبتها التي كانت قبلها، {وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ} بالسنين والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمس، فكانت هذه دلالات لموسى، وعذابًا لهم، فكانت كل واحدة أكبر من التي قبلها، {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} عن كفرهم.
{وَقَالُوا} لموسى لما عاينوا العذاب، {يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ} يا أيها العالم الكامل الحاذق، وإنما قالوا هذا توقيرًا وتعظيمًا له، لأن السحر عندهم كان علمًا عظيمًا وصفة ممدوحة، وقيل: معناه يا أيها الذي غلبنا بسحره. وقال الزجاج: خاطبوه به لما تقدم له عندهم من التسمية بالساحر. {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ} أي بما أخبرتنا من عهده إليك إن آمنا كشف عنا العذاب فاسأله يكشف عنا العذاب، {إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ} مؤمنون، فدعا موسى فكشف عنهم فلم يؤمنوا، فذلك قوله عز وجل:


{فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ} ينقضون عهدهم ويصرون على كفرهم.
{وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأنْهَارُ} أنهار النيل، {تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} من تحت قصوري، وقال قتادة: تجري بين يدي في جناني وبساتيني. وقال الحسن: بأمري. {أَفَلا تُبْصِرُونَ} عظمتي وشدة ملكي.
{أَمْ أَنَا خَيْرٌ} بل أنا خير، {أم} بمعنى بل، وليس بحرف عطف على قول أكثر المفسرين، وقال الفراء: الوقف على قوله: {أم}، وفيه إضمار، مجازه: أفلا تبصرون أم تبصرون، ثم ابتدأ فقال: أنا خير، {مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ} ضعيف حقير يعني موسى، قوله: {وَلا يَكَادُ يُبِينُ} يفصح بكلامه للثغته التي في لسانه.
{فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ} إن كان صادقًا، {أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ} قرأ حفص ويعقوب {أسورة} جمع سوار، وقرأ الآخرون {أساورة} على جمع الأسورة، وهي جمع الجمع. قال مجاهد: كانوا إذا سودوا رجلا سوروه بسوار وطوقوه بطوق من ذهب يكون ذلك دلالة لسيادته، فقال فرعون: هلا ألقى رب موسى عليه أسورة من ذهب إن كان سيدًا تجب علينا طاعته. {أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ} متتابعين يقارن بعضهم بعضًا يشهدون له بصدقه ويعينونه على أمره.
قال الله تعالى: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ} أي استخف فرعون قومه القبط، أي وجدهم جهالا. وقيل: حملهم على الخفة والجهل. يقال: استخفه عن رأيه، إذا حمله على الجهل وأزاله عن الصواب، {فَأَطَاعُوهُ} على تكذيب موسى، {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7