{فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.{وَإِنَّهُ} يعني القرآن، {لَذِكْرٌ لَكَ} لشرف لك، {وَلِقَوْمِكَ} من قريش، نظيره: {لقد أنزلنا إليكم كتابًا فيه ذكركم} [الأنبياء- 10]، أي شرفكم، {وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} عن حقه وأداء شكره، روى الضحاك عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سئل لمن هذا الأمر بعدك؟ لم يخبر بشيء حتى نزلت هذه الآية، فكان بعد ذلك إذا سئل لمن هذا؟ قال: لقريش.أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا عبد الرحمن بن شريح، أخبرنا أبو القاسم البغوي، حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا عاصم بن محمد بن زيد، عن أبيه، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي اثنان».أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب عن الزهري قال: كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث عن معاوية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين».وقال مجاهد: القوم هم العرب، فالقرآن لهم شرف إذ نزل بلغتهم، ثم يختص بذلك الشرف الأخص فالأخص من العرب، حتى يكون الأكثر لقريش ولبني هاشم.وقيل: {لذكر لك}: شرف لك بما أعطاك من الحكمة، {ولقومك} المؤمنين بما هداهم الله به، {وسوف تسئلون} عن القرآن وعما يلزمكم من القيام بحقه.قوله عز وجل: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} اختلفوا في هؤلاء المسئولين: قال عطاء عن ابن عباس: لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم بعث الله له آدم وولده من المرسلين، فَأَذَّنَ جبريل ثم أقام، وقال: يا محمد تقدم فصل بهم، فلما فرغ من الصلاة قال له جبريل: سل يا محمد {من أرسلنا قبلك من رسلنا}، الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أسأل فقد اكتفيت»، وهذا قول الزهري وسعيد بن جبير وابن زيد، قالوا: جمع الله له المرسلين ليلة أسري به وأمره أن يسئلهم فلم يشك ولم يسأل.وقال أكثر المفسرين: سل مؤمني أهل الكتاب الذين أرسلت إليهم الأنبياء هل جاءتهم الرسل إلا بالتوحيد؟ وهو قول ابن عباس في سائر الروايات، ومجاهد وقتادة والضحاك والسدي والحسن والمقاتليين. يدل عليه قراءة عبد الله وأبيّ: {واسئل الذين أرسلنا إليهم قبلك رسلنا}، ومعنى الأمر بالسؤال التقرير لمشركي قريش أنه لم يأت رسول ولا كتاب بعبادة غير الله عز وجل.